الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة خميس الخياطي ذلك الخطاف الذي لم يصنع ربيع النقد السينمائي في تونس.. بقلم شادية خذير

نشر في  29 جويلية 2024  (16:33)

بقلم شادية خذير

خميس الخياطي الناقد السينمائي والفاعل الثقافي فتح بتكريمه بالتانيت الذهبي بابا لطالما أغلق في وجه النقاد السينمائيين فالبعض لا يرى أنّ الناقد السينمائي حلقة هامة في عمر الفيلم  وبقدر ما يكتب النقاد والمختصون في السينما عن فيلم في وسائل الإعلام وفي الفضاء العام  بقدر ما يعطى  للفيلم عمر جديد .

 كان سعيدا بالتانيت الذهبي وقال مازحا إنه وضعه في خزانة حديدية تفتح بالأرقام السرية هذا ما قاله خميس الخياطي خلال استضافته على الوطنية الاولى ضمن  برنامج تانيت الذي يواكب نبض أيام قرطاج السينمائية (إعداد وتقديم شادية خذير على الوطنية) عندما سئل عن المكان الذي قضى فيه التانيت ليلته الأولى .

ولكن الحديث مع خميس الخياطي في بلاتوه تلفزي لا يمكن أن يغفل عن الذكريات التي يحملها الرجل عن الأيام وعن السينما وعن شبكة علاقاته الممتدة عربيا وافريقيا فكان هذا المقال الذي سنحاول أن نوثق فيه أبرز ما قال في حديث مباشر وعفوي  يعتبر الأول بعد حصوله على التانيت على التلفزة العمومية.

يرى الناقد خميس الخياطي أنه لا يميل الى  إعتبار النقد السينمائي مهنة متكئا على موقف المخرج  والمنتج والسيناريست والممثل والناقد فرنسوا تريفو Francois Truffaut

   ويعتبر خميس الخياطي أنه لا وجود لمهنة الناقد السينمائي بقدر ما يؤمن بوجود صحافة مختصة في السينما وهو الذي تعلم من أساتذته في الجامعة الفرنسية أن لا ينساق وراء رأي الآخرين عن فيلم فالفيلم متعدد القراءات بتعدد النظرة والثقافة وأحيانا يمكن لفيلم أن يحقق نجاحا بعد سنوات طويلة من خروجه للجمهور والعكس صحيح .

وعن بداية تعلقه بالشاشة الكبيرة، يقول خميس الخياطي ان شغفه بدأ مع الجامعة التونسية لنوادي السينما مع عروض للأفلام وكذلك مناقشتها  كانت تتم داخل المعاهد وكان أساتذة التعليم الثانوي يشرفون على حسن سيرها خارج أوقات عملهم بكل إلتزام وحماس.

ويستذكر خميس الخياطي أن عبد المجيد الشرفي الجامعي والمتخصص في الحضارة الإسلامية  لما كان يدرس التلاميذ بقفصة كان ينتظر وبشكل دوري القطار القادم من العاصمة والذي كان يحمل الأفلام التي تعرض بالمعهد للمناقشة والتفكير ويعتبر أن تلك الفترة التي تلت الاستقلال ساهمت في تكوين قاعدة جماهيرية محبة للسينما بفضل إستراتيجية وضعتها الدولة في تلك الفترة قائمة على مشروع مجتمعي واضح الأهداف والمعالم.

ولخميس الخياطي ذكريات علقت بالبال مع أيام قرطاج السينمائية وهو يحتفظ بثلاث لحظات يعتبرها معبرة أولها الخلاف الحاصل حول تتويج عميد السينمائيين الموريتانيين محمد عبيد هوندو عن فيلمه "عمال عبيد" 1974 وبرهان علوية  عن فيلم "كفر قاسم " والتي انتهت بمنح الجائزة مناصفة بينهما.

كما يعتبر خميس الخياطي أن للأيام فضل كبير على الكثير من المخرجين والأفلام ومن بين أهمها فيلم "المخدوعون" الذي أخرجه المصري توفيق صالح  المقتبس عن رواية  لغسان كنفاني

"رجال الشمس" وهو إنتاج سوري وتحصل على التانيت الذهبي سنة 1972 مناصفة مع فيلم سامبي زينقا من الكونغو الديمقراطية لسارة مالدرورو وفيلم المخدوعون الذي كتبت له حياة جديدة بمصر بعد حصوله على التانيت الذهبي .

وخميس الخياطي لا تمل وأنت تتحدث معه عن الذكريات مع السينما وعن أفلام المخرج المصري صلاح أبو سيف التي خصص لها بحثه في الدكتوراه وكانت تربطه بفضل شغفه وحبه للسينما علاقات طيبة بمعظم صناع الأفلام والفاعلين الثقافيين واكب أيام قرطاج السينمائية منذ السنوات الأولى ومازال يتذكر كيف كانت هناك محاولات سنة 1974 لإيقاف المهرجان من أجل التفكير في مستقبله وكيف تصدى المرحوم الطاهر شريعة لمحاولات طمس المهرجان  وأصر على مواصلة تنظيم الأيام كل سنتين ومحذرا من أن توقف المهرجان ولو لدورة واحدة يعتبر إعلان نهاية له .

رحل خميس الخياطي الناقد والحافظ لجزء هام من الذاكرة السينمائية، دفنت معه تفاصيل كثيرة عن بدايات عدد كبير من المخرجين العرب والأفارقة وعن كواليس تنظيم الأيام و عن حلقات النقاش والخلافات بين أعضاء لجان التحكيم وعن تسلل السياسة أحيانا الى قائمة الجوائز الكبرى ولكن حسبنا أننا نحتفظ بكتب ومؤلفات ومعارض فوتوغرافية ومقالات وانتاج فكري غزير لن يتسلل له الغبارطالما اطلعنا عليه وإستفدنا منه.